07 نوفمبر 2023
برعاية سمو الشيخ عبدالله بن زايد وحضور معالي الشيخ نهيان بن مبارك انطلاق فعاليات المؤتمر العالمي الثاني لـ"الإمارات للإفتاء الشرعي" في أبوظبي
تحت رعاية كريمة من سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان - وزير الخارجية، وبرئاسة معالي العلامة الشيخ عبدالله بن بيه - رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي؛ انطلقت اليوم الثلاثاء- 7 نوفمبر 2023- فعاليات اليوم الأول للمؤتمر العالمي الثاني الذي ينظمه مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي في العاصمة أبوظبي، وذلك بعنوان "نحو الاستيعاب الشرعي للمستجدات العلمية - المنهجية الحضارية، والتطبيقات الواقعية، وأخلاقيات الاستدامة"، والذي يستمر لمدة يومين.
ويشارك في المؤتمر أكثر من 160 شخصية علمية وفكرية، يمثلون أكثر من 50 دولة بالإضافة إلى 71 جهة إفتائية حول العالم؛ حيث يوفر المؤتمر منصة لتبادل الخبرات والتجارب بين المؤسسات الإفتائية في مناهج التعامل مع المستجدات العلمية، وإيجاد بيئة داعمة لإنشاء مختبرات بحثية وعملية بالتعاون والتنسيق مع المؤسسات التعليمية والأكاديميات المختلفة.
وفي كلمته الافتتاحية للمؤتمر، أكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش أن "هذا المؤتمر المهم، وهو يضم نخبة متميزة، من علماء الدين، ورجالات الفكر والعلم والخبرة، إنما يجيء متراسلاً تماماً مع ما تمثله دولة الإمارات العربية المتحدة، من رغبة أكيدة، وحرص كبير، على دعم كافة المبادرات البناءة، وذلك انعكاساً أميناً، وتلبية صادقة، لكل ما يدعو إليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، "حفظه الله"، من التمسك بتعاليم الإسلام السمحة، والتمكين لقيمه السامية، والترسيخ لمبادئه العليا، بل وكذلك الحرص الكبير ، على دور الشريعة، ومكانتها المحورية، في النظام العام للمجتمع، الذي يستهدف بالدرجة الأولى، تحقيق مصالح الفرد والمجتمع، في إطار أمن وسلامة الوطن والمواطن، وتعميق دور المسلمين، في مسيرة التطور الإنساني".
وأضاف معاليه: "إنكم حين تتحدثون عن الاستيعاب الشرعي للمستجدات العلمية، فإنما تؤكدون بكل قوة، على ضرورة أن تكون الفتاوى والتشريعات دائماً، عوامل مهمة، للتنمية والعمران وتقدم الإنسان. إن اهتمامكم بالمناقشة المستفيضة، للقضايا المتصلة، بالفضاء، والمناخ، والطب، والذكاء الاصطناعي، وغير ذلك من ظواهر هذا العصر، إنما يؤكد أهمية إيجاد مرجعية دينية، للتعامل الواثق، مع كافة هذه القضايا والأمور –وتحتفي بالعقل، والتفكير، والمناقشة، وتحقق النفع والفائدة، وتوفر السلامة والحماية، وتحافظ على النظام العام، في المجتمعات".
من جانبه، قال معالي العلامة عبدالله بن بيّه -رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي- في كلمته الرئيسية إن "هذا المؤتمر هو الوتيرة السريعة والمطردة للابتكارات والمستجدات العلمية في مختلف المجالات وتعدّد الاستخدامات ذات الصلة بحياة الناس، وما يترتب على ذلك من حاجة الإنسان فرداً أو مجتمعاً إلى معرفة الحكم الشرعي الأخلاقي للتعامل مع هذه الوسائل والمخترعات وفق منهج فقهي أقرب للانضباط.. كما يأتي هذا المؤتمر من استشعار الحاجة إلى استجلاء المنهجية الأصولية الملائمة والتذكير بقواعدها ومقاصدها وليسهم في بناء منهجية شرعية منضبطة للتعامل مع المستجدات العلمية من المقاصد ومنظومة المصالح والمفاسد التي هي جسر العبور ودرب المرور بين الواقع المتبدّل والنّص المعلّل".
وأضاف أنّ "هذا المؤتمر يجمع المختصين الشرعيين بنظرائهم من المختصين في علوم الواقع في تلاقح للفُهوم وتلاقٍ للعلوم، محاولةً لإسناد الرأي الشرعي بتصور أفضل وفهم أدق للمسائل المستجدة، ولمشاركة علماء الطبيعة استفسارات علماء الشريعة، ليمكن الوصول من خلال ذلك كله إلى حكم شرعي أقرب لروح الشريعة وأوفق لأحوال النّاس".
وتحدث سماحة الأستاذ الدكتور شوقي علام، مفتي جمهورية مصر العربية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، حول الدور الذي يلعبه المؤتمر في رسم خارطة طريق لمواجهة التحديات التي تواجهها دور الإفتاء، واتساع دوائر النظر الشرعي وآفاقه وتنوع مصادر التشريع وأصوله، وفتح باب الاجتهاد، مشيراً إلى أن "طبيعة المستجدات ترفع سقف التوقعات من علماء المسلمين وهو ما يُرجى أن يحققه هذا المؤتمر".
وقد أكدت الشيخة شما بنت سلطان بن خليفة آل نهيان، الرئيس التنفيذي للمُسرعات المستقلة لدولة الإمارات العربية المتحدة للتغير المناخي في كلمتها "أن التأقلم مع مستقبل جديد مستدام أصبح ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى ومع اقتراب انعقاد مؤتمر كوب 28 والذي يفصلنا عنه أقل من شهر واحد تصدرت أزمة المناخ قائمة أولوياتنا، ومع ذلك علينا أن نفكر فيما هو أبعد من الشهر المقبل بل علينا اعتماد رؤية تستشرف المستقبل، مع الأخذ بالاعتبار التأقلم اللازم لاستدامة مجتمعاتنا على مدى عقود قادمة".
وأضافت "أن معالجة أزمة المناخ لا يستلزم الاعتماد على حلٍ واحدٍ فقط بل يحتاج تنفيذ مجموعة من الحلولَ لإحداث التحولات اللازمة بأساليبٍ جديدةٍ ومبتكرة، ولتسريع التغير حيث من الضروري أن يتم توثيق روابط التعاون المستمر عالمياً بين الأفراد والحكومات والشركات وشركاء المجتمع في كل مكان، لافتة إلى أن التغيير الاجتماعي يتطلب تنفيذ خطواتٍ جريئة مليئةٍ بالتحديات وقد يستغرق الأمر وقتاً لتبني سلوكياتٍ جديدة، لكن الجوهرَ الحقيقي يظهر في أسلوب وحدتنا كمجتمعٍ عالمي، بحيث يربُطنا إحساسُ المسؤولية والمصير المشترك. وتعتبر قدرتُنا على إحداث التغيير أقوى مواردِنا.
وقال معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الزيد، نائب الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي وأمين المجمع الفقهي الإسلامي "إن ديننا الإسلامي الحنيف يتضمن عوامل البقاء والاستمرار، وهو قابل لاستيعاب التطورات والحضارات؛ إذ يتضمن النصوص المرنة والقواعد الجامعة والكليات العامة، فضلاً عن كون مبنى أحكام الشريعة يقوم على التيسير والسهولة، وقد روعي في تشريعها تحقيق مصالح المكلفين لذا فإن على المجامع الفقهية ودور ومؤسسات الإفتاء أن تستعيد دورها الحضاري وتستوعب المتغيرات والتطورات".
كما عرض معالي الدكتور حمدان مسلم المزروعي، رئيس مجلس إدارة هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، فيلماً للجهود الإنسانية التي تبذلها دولة الإمارات في العديد من دول العالم والتي تمثل جزءاً من رسالتها الإنسانية التي رسخها الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه منذ تأسيس الدولة وحتى يومنا الحاضر، وتتابع قيادتنا الرشيدة على هذه الخطى.
وفي الكلمة الختامية للجلسة الافتتاحية، ألقى معالي الأستاذ الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، كلمة أكد فيها على أن الشريعة بأحكامها الثرية قادرة على التعامل مع المستجدات في كل المجالات؛ فطبيعة الشريعة المرونة والاستجابة السريعة لها، ويجب على علماء الشريعة الاتصاف بهذه السمات، ومن الضروري اليوم القيام بالواجب العلمي والمجتمعي اتجاه المستجدات لضبط حركة الحياة نظراً لأنه لا يمكن اختزال المستجدات العلمية في التكنولوجيا والمخترعات؛ بل تمتد للمجتمع والفكر.
برنامج اليوم الأول:
وتضمنت فعاليات اليوم الأول عقد جلستين رئيستين تناولت الجلسة الأولى بعنوان "الإفتاء في المستجدات العلمية "نحو منهجية منضبطة ومستدامة تتفاعل مع الحاجات الإنسانية" وشارك فيها كل من سعادة د. عمر حبتور الدرعي، مدير عام مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، د. حميد عشاق من دار الحديث الحسنية في المملكة المغربية، أ. د. سعيد شبار، الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى في المغرب، فضيلة د. أحمد عبد العزيز الحداد، عضو مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، وأدار الجلسة د. عبد الرحمن الناصري، مدير قسم الدراسات بمجلس الإمارات للإفتاء الشرعي.
وتخصصت الجلسة الثانية لمناقشة "الفتاوى الشرعية في مجال الفضاء والمناخ واستيعابها للمستجدات العلمية" وشارك فيها محمد شوكت عودة، مدير عام مركز الفلك الدولي، د. حمزة يوسف هانسن عضو مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي في الولايات المتحدة الأمريكية، أ. د. حميد مجول النعيمي مدير جامعة الشارقة، د. ماريا محمد الهطالي ود. وديمة غانم الظاهري من جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية. وأدار الجلسة سعادة محمد سعيد النيادي، مدير عام الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بدولة الإمارات العربية المتحدة.